مدينة في العراق
كانت عاصمة العباسيين في الفترة بين (222- 263هـ) ،(836 -
876م).
لم يكن قد انقضى على بناء بغداد قرن واحد حتى عرضت للمعتصم فكرة بناء عاصمة
جديدة، بعدما ضاقت بغداد بجنده الأتراك الذين أكثر من استخدامهم في الجيش، ولم
تسلم العاصمة من مضايقاتهم، حتى أكثر الناس الشكوى من سلوكهم.
واختار المعتصم لعاصمته الجديدة مكانا يبعد 130 كم رأسا من شمال بغداد، شرقي
نهر دجلة، وشرع في تخطيط عاصمته سنة (221هـ= 836م) وبعث إليها بالمهندسين
والبنّاءين وأهل المهن من الحدادين والنجارين وغيرهم، وحمل إليها الأخشاب
والرخام وكل ما يحتاج إليه البناء.
وعُني الخليفة بتخطيط المدينة وتقسيمها باعتبارها مركزا حضاريا ومعسكرا لجيشه،
ففصل الجيش ودواوين الدولة عن السكان، واهتم بفصل فرق الجيش بعضها عن بعض،
وامتدت المدينة على ضفة دجلة الغربية نحو 19 كم، وكان تخطيط المدينة رائعا،
يتجلى في شق عدة شوارع متوازية على طول النهر، يتصل بعضها ببعض عن طريق دروب
عدة، وكان أهم شوارع المدينة بعد شارع "الخليج" الذي على دجلة "الشارع الأعظم"،
وكان يمتد في عهد المعتصم 19 كم من الجنوب إلى الشمال بعرض مائة متر تقريبا
[وعُنِي المعتصم بزراعة القسم الغربي من دجلة تجاه المدينة، وشجع قادته على المساهمة
في الزراعة، وحرص أن تكون عاصمته الجديدة مجمعا للصناعات المعروفة في عهده، واهتم
ببناء الأسواق، وجعل كل تجارة منفردة مثلما هو الحال في أسواق بغداد، وجعل شارع
الخليج الذي على دجلة رصيفًا ومرسى لسفن التجارة.
وكانت المدينة الجديدة جميلة بقصورها الضخمة ومبانيها الرائعة وشوارعها المتسعة،
ومسجدها الجامع وغيره من المساجد، فدعيت بـ"سُرّ مَن رأى"، وزاد إقبال الناس على
السكنى بها.
وقد اتخذها عاصمة للخلافة بدلا من بغداد ، وبقيت كذلك حتى عهد الخليفة المعتمد(256
- 279 هـ) ،(869 - 892 م) الذي أعاد لبغداد مكانتها يصل عدد سكانها إلى أكثر من
مائة ألف نسمة،و قد خربت على يد المغول فسميت ساء من رأى.
وتكشف الآثار الباقية من سامراء عن مدى التقدم العمراني والحضاري الذي كانت عليه
الخلافة العباسية في القرن الثالث الهجري- ضريحا الإمام على الهادي وولده حسين العسكري.
وقد اشتهرت بكثرة البساتين والميادين وشوارعها الفسيحة ، وإليها ينسب كثير من
العلماء والسياسيين.